روائع مختارة | واحة الأسرة | أولاد وبنات (طفولة وشباب) | أحلامك.. لا تُحطِّمها

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > واحة الأسرة > أولاد وبنات (طفولة وشباب) > أحلامك.. لا تُحطِّمها


  أحلامك.. لا تُحطِّمها
     عدد مرات المشاهدة: 3166        عدد مرات الإرسال: 0

(تقع الحاجة إلى الرفقة في قاعدة الحاجات الاجتماعية، التي تضم إليها كلًا من: الحاجة إلى الزواج أو إلى الاقتران بالجنس الآخر بالطريقة الشرعية والفطرية التي تؤدي إلى السكن والاكتمال، ومن خلالها يحقق الفرد ذاته ودوره في الأسرة وفي المجتمع الكبير.

والإنسان اجتماعي بطبعه، والتعارف بين الناس وما يترتب عليه من مصالح عظيمة في تعاونهم وتزاوجهم وتآلفهم أمر قائم مشهود، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: 13].

والصحبة نمط علاقة وقالب اجتماعي لا يكاد ينفك عنه تاريخ الإنسان فهو مصدر من مصادر تربيته ومعرفته وأنسه وسروره ومواساته ومعاونته فهو ذو أثر كبير في حياة المرء النفسية الاجتماعية والثقافية، فالرفقة مطلب نفسي لا يستغني عنه الإنسان وخصوصًا في مرحلة المراهقة، وبوجود الرفقة المنسجمة يتم قضاء الأوقات وتبادل الآراء والخبرات وبث الآمال والتشارك في الأحاسيس والمشاعر.

وتقوم الرفقة في كثير من الأحيان بإعطاء الرأي وبلورة الفكر ووضع الخطة وتنفيذها، فهي ليست محضن شعوري ونفسي فقط، بل هي أيضًا ذات بعد عملي وتنفيذي في حياة الشباب) [المراهقون، عبد العزيز النغيمشي، ص(63)].

مطلب طبيعي:

لاشك أيها الشاب أن ميلك لكي تُكوِّن صداقات مع أصحابك شيء من الأشياء الطبيعية، فهذه هي فطرة الله التي فطر الناس عليها، ولكن تلك القوة الفطرية تنحرف عن مسارها عندما تبدأ في مصاحبة من لا يخاف عليك ولا يصاحبك إلا لقضاء مصلحته، فالصديق ليس من يوصف بخفة الظل وكثرة المزاح.

أو من يكون ملبسه أنيق وشكله وسيم، فهذا فهم خاطئ للصحبة، إن الصديق هو الذي يكون حريصًا عليك فيقودك لطاعة الله تعالى، وإلى النجاح في الدنيا والآخرة، صديقك من يكون حريصًا على وقتك في المذاكرة، فيعينك على أن تحصل على أعلى الدرجات والتقديرات.

إن من الأشياء التي دفعتني لكي أكتب هذا المقال، هو أننا في موسم امتحانات، وتجد فيه ظهور بعض العادات بين الشباب، كالمذاكرة مع بعضهم البعض، فيجتمعون معًا من أجل تبادل المعلومات، والأسئلة حول المواد الدراسية.

وعلى الرغم من أن هذه الظاهرة صحية وجيدة وتعطي مؤشرًا على الجد في المذاكرة، إلا أنه يكمن بها خطر عظيم وهو أصدقاء السوء، فمن الممكن أيها الشاب أن تكون ممن يحصلون على أعالي الدرجات.

ولكن قد تُسيء الاختيار فتنتقي مجموعة من زملاء الدراسة فتذاكر معهم، وهؤلاء من الممكن جدًا أن يكونوا من أصدقاء السوء الذين يضيعون الأوقات، ويثبطون من العزائم، ولا يكون همهم في تجمعهم للمذاكرة، إلا الحكايات واللعب، بل ربما يفعلون بعض المعاصي كشرب السجائر والمخدرات، فتكون المصيبة مصيبتين ضياع النجاح والفشل في الدنيا، وضياع الآخرة بمعصية الله تعالى.

ضياع الدنيا:

إن مما قد يسببه صديق السوء في الدنيا الفشل في الحياة، فيكون الشاب راسبًا في دراسته، لا يحصل على أعالي الدرجات في كليته، وقد يرجع ذلك إلى أمرين:

1. ضياع الوقت:

إن الوقت أغلى من الذهب، فهو من أهم الثروات التي يملكها الشاب المسلم، وإذا ضاعت هذه الثروة، وتم إهدارها، تصبح حياة الشاب بلا هدف وخالية من أية نجاحات.

فإن رفقاء السوء شعارهم "كيف تضيع وقتك؟" فيبحثون عن أي شيء يضيعون به وقتهم، حتى ولو تجمعوا ليذاكروا مع بعضهم فإن غالب الوقت سيضيع هدرًا دون أن يحققوا أهدافهم في المذاكرة، والشاب الذي يسعى إلى النجاح والتفوق من أهم الأشياء التي تعينه على ذلك هو استغلاله لوقته جيدًا، والإدارة الفعالة له.

فالغرب لم يتقدم إلا بحسن استغلاله لكنز الوقت، وإبعاد أي شيء من الممكن أن يهدره (ففي دراسة قامت بها الجمعية الطبية الأمريكية في كولوبيا والتي تخدم نحو أربعين ألف مريض بدراسة الوقت الذي يقضيه المريض في عيادات الجمعية.

فاكتشفت أنه يتراوح بين عشر إلى عشرين دقيقة، ووجدت أن انتظار المريض إذا طال عن هذه المدة، فإن التقصير سيكون من جانب أطباء الجمعية، وهكذا رأت أنه من واجب الجمعية تعويض المرضى الذين ينتظرون أكثر من هذه المدة، وقد أعدت الجمعية إيصالات كل منها بخمسة دولارات تعطي للمريض عن كل دقيقة يقضيها بعد العشرين دقيقة المحددة.

وللمريض الحق أن يستخدم هذه الإيصالات في شراء الأدوية أو المستلزمات الطبية، أو أن يحصل عليها نقدًا.

كذلك تم توقيع خصومات على الأطباء المتهاونين في أداء عملهم، طبقًا للمعايير التي وضعتها الجمعية، وقد صرح د. وليام جاكوب رئيس الجمعية أن خدمة المرضى تحسنت بعد هذه الإجراءات) [إدارة الوقت، د. إبراهيم الفقي، ص(11)].

ولذلك احرص أيها الشاب على ألا تضيع وقتك في المذاكرة مع أصدقاء السوء فإنهم سيكونون سببًا لضياع هذا الكنز الثمين الذي تملكه، والذي هو في نفس الوقت سر نجاحك وتفوقك.

2. الهمم الضائعة:

الهمة هي رأس مال العبد، وأكبر عوامل نجاحه، فمن الناس من تناطح همته السحاب، ومنهم من غارت همته في حضيض الأرض، وهذا العلو والسفول يكون وفق عوامل عدة، من أهمها الصحبة.
فمن صادق الأخيار أولي الهمم العالية ذوي الأهداف السامية، علت همته وارتقت.

وأما من صادق أهل الشرور، أو أصحاب الاهتمامات الوضيعة، والأهداف التافهة؛ سفلت همته، كالنسر يقع على الجيف، ومرد ذلك إلى الحقيقة المقررة أن الصاحب يتأثر بمن يصحب، وكما قيل:

صحبة الخامل تكسو   من يواخيه خمولًا

وقيل أيضًا:

والنقص يصحب مثله  والشكل يألف شكله

فاصحب أخا الفضل لكي  تقفو بفعلك فعله

فاحذر أيها الحبيب من مصاحبة من يُردي همتك، واسمع لتحذير ابن الجوزي رحمه الله من أن: (العجب ممن يترخص في المخالطة، وهو يعلم أن الطبع لص يسرق من المخالطة، وإنما ينبغي أن تقع المخالطة للأرفع والأعلى في العلم والعمل ليُستَفاد منه) [صيد الخاطر، ابن الجوزي، ص(406)].

وهذه الحقيقة يدركها كل من يصدق الحديث مع نفسه، فهو يعلم جيدًا أن خور عزيمته وضعف همته وسفولها إنما هو عدوى من رفقاء السوء، الذين لا ينشطون إلا للرذائل.

وقد تقول، إن لي أصدقاء ليسوا سيئيين فلا يفعلوا شيئًا قبيحًا، فلماذا لا أصحابهم؟

مثل هؤلاء إنما تتردى بصداقتهم من حيث لا تدري، حيث أن هذه الشخصيات عندها القابلية للانحراف، وإذا انحرف فيُخشى عليك العدوى في ظل تمسكك بصداقتهم، وإذا افترضنا أن هذا احتمال غير وارد، فحسبك منه أن يعتريك ضعف الهمة.

واستمع إلى إحدى درر ابن القيم رحمه الله حيث قال: (اجتماع الإخوان قسمان: اجتماع على مؤانسة الطبع وشغل الوقت، فهذا مضرته أرجح من منفعته، وأقل ما فيه أنه يفسد القلب ويضيع الوقت، واجتماع بهم على التعاون على أسباب النجاة، والتواصي بالحق والصبر، فهذا من أعظم الغنيمة وأنفعها) [الفوائد، ابن القيم، ص(51-52)].

فاعلم يقينًا أن هذا الصديق سيضعف همتك، فتقصر بك عن الوصول إلى المعالي في أمر دينك ودنياك، فصديق السوء سيضعف من عزيمتك للمذاكرة، فإما سيلهيك عن المذاكرة باللعب، وإما تجده كسلانًا نائمًا طوال وقت المذاكرة.

ضياع الآخرة:

إن ما قد يسببه أيضًا رفقة السوء وهم يذاكرون في مجموعات، أن يُعلموك شيئًا يغضب الله تبارك وتعالى، فكثيرًا ما تتردد هذه العبارات على ألسنتهم "خذ هذه السيجارة دخنيها، هذا القرص سينسيك كل همومك، الحقن بهذا (الأمبول) سيخفف ألمك، شَمُّ (البودرة) لا يُعلى عليه"

وهكذا أيها الشاب، يكون شياطين الإنس الذين يرتدون قناع الشيطان ليضلوك عن طريق الله، ويحضونك على معصيته والعياذ بالله.

فمن الذي أعطى الشاب الذي لا يعرف طريق الغواية، أول سيجارة يدخنها؟ من الذي عرَّفه طريق المخدرات؟

بالتأكيد إنه رفيق السوء، وهذا ما تؤكده الدراسات والإحصائيات التي أُجريت حول الإدمان بجميع صوره، فقد أشارت إلى أن أخطر الأسباب التي تؤدي إلى الوقوع في مصيدة الإدمان هو قرناء السوء، وهذا ينبني على ما بينَّاه من حقائق حول تأثير الأصدقاء بعضهم في بعض.

جرعة من هذه السموم على اختلاف أنواعها، يهديها صاحب السوء لصاحبه في قالب المحبة والمودة، يأسره بها ليغوص معه في مستنقعه، الذي لا يستطيع هو مغادرته.

وبعدما يتجرع الشاب هذا السم، تظهر عليه علامات الاحتياج، فتكون النتيجة أن يأتيها الغيث الأسود من صاحب السوء مرة أخرى، وهكذا إلى الدركات المظلمة فتكون النتيجة: أمراض فتاكة، اقتراف العادة السرية، الوقوع في الفاحشة والعياذ بالله.

ماذا بعد الكلام؟

1. كن حريصًا على وقتك فلا تضيعه بالمذاكرة مع أصدقاء السوء.

2. إذا أردت أن تذاكر في مجموعات، فاختار الذين يعينونك على المذاكرة من أصحابك المتفوقين.

3. لا تنسى حق الله عليك وأنت تذاكر مع أصدقائك، فحافظ على الصلاة في وقتها، وتجنب أن تقع في معصية الله تعالى.

المصادر:

•   الفوائد، ابن القيم.

•   صيد الخاطر، ابن الجوزي.

•   المراهقون، عبد العزيز النغيمشي.

المصدر: موقع مفكرة الإسلام